بقلم // حسن عطوان
📌 هناك إتجاهان في الحوزة العلمية المباركة :
📌 الأول يرى أنَّه لا يجب عليه التدخل في الأوضاع العامة إلّا حينما تكون العواصف هوجاء فينُنزلها الى الأرض بهدوء .
بينما الثاني يرى وجوب التصدي لقيادة المجتمع وإبداء الرأي حتى في التفاصيل .
📌 الأول يرى أنَّه إنْ أقيمت الدولة الإسلامية فأمر جيد .
والثاني يرى وجوب السعي لإقامتها .
📌 الأول ينَظِّر أنَّ العالم كالشجرة يُقصَد ولا يَقصد .
والثاني يرى أنَّ العالِم كما كان الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( طبيباً دوّاراً بطبه ) .
📌 الأول : فيه حفظ للدماء والحوزة .
والثاني : في مسيرته تضحيات جسام ودماء حمراء ، وعمل وأخطاء !
📌 والنفوس تميل للمزاج الأول ؛ لأنّه يحفظ للناس شيئاً من دنياها مع مشروعية ؛ ولذلك كان هذا الإتجاه ولم يزل هو الشائع السائد .
بخلاف الثاني فأنصاره قلة ، بقلة المسْتَعِدين للتضحية .
📌 لا أُريد أنْ أقول أنَّ الإتجاه الأول يتقصد حفظ دنياه فحسب ، إذ لعل الدليل قد أوصله الى ما يبني عليه ، ولعله في ذلك يستند الى ركنٍ وثيق .
📌 وفي نظري أنَّ في ذلك مصلحة للتشيع والحوزة ..
فكلا الإتجاهين يكمل أحدهما الآخر ، فهو من تنوع الأدوار ووحدة الهدف .
📌 كما أنَّ لكلٍ منهما بضاعة يقدمها بين يديَ الله سبحانه ، فكما أنَّ الإتجاه الثاني يقدّم بضاعة التضحيات الجسام ، فكثير من رموز الإتجاه الأول يقدّمون بضاعة الصبر أمام إتهام الجهلة لهم بالتقاعس ، في الوقت الذي يرى هؤلاء الأفذاذ أنّهم يؤدون تكليفهم الشرعي في حفظ الحوزة والتشيع .
📌 ولكنّك وأنت ترى كل تلك التضحيات والدماء والجراح التي يقدمها أصحاب الإتجاه الثاني لأجل المبدأ ، لا يمكنك إلّا أنْ تقف بإزائهم بإجلال كبير ؛ لأنَّهم يُقْدمون على ذلك وهم يعلمون جيداً بأنَّ الدنيا لن تمدَّ لهم ذراعيها ، وأنَّهم لن يجدوا أنصاراً مستعدين لدفع تلك الضريبة الضخمة إلّا القلة .
وهم مع كل ذلك يُقْدمون على مثل هذا الموت الأحمر بقلوب مطمئنة ؛ لأنّهم يرون أنَّ تكليفهم مجابهة الطغاة ، مهما كلّف الأمر .
واضحون ، صريحون ، أبطال ، هم من نحو الرجال الذين يجيدون صناعة الموت الذي لا تكون الحياةُ حياةً إلّا به ، مع أنّهم نحريروا العلم والفقاهة أيضاً إنْ جدَّ جدُّهما .
📌 لا أدري لماذا كلما حاولت أنْ أكون على مسافة واحدة من المنهجين ، أجد عواطفي منحازة للمنهج الثاني ، مع إنّي أُبَجّل شخوص كلا الإتجاهين ؟!
عظم الله اجوركم .