بقلم // عبد الله الجيزاني
قبل جلسات الفصول العشائرية يجلس الشيخ مع وجهاء قبيلته لوضع خارطة طريق لمطالبهم بالنسبة لأصحاب الحق، بالمقابل عشيرة المطلوب هي الأخرى تعقد جلسة مشابهة تحدد فيها سقف استجابتها لما قد يطلب منها وتضع لظروف الجلسة احتمالات وكيفية التعامل معها في اوانها؟!
هذه الاتفاقات لدى الطرفين داخلية ولايسمح لأحد أن ينقلها أو يتحدث بها مع الآخرين كي لاتصل للطرف الآخر.
أثناء الجلسة قد تظهر مطالب وأمور جديدة خارج حسابات الطرفين فيطلب كل من الطرفين أو أحدهم وجهاء عشيرته والمعنيين بالجلسة، لعقد جلسة منفصله خارج مكان الجلسة المشتركة هذه الجلسة تسمى ” حجاية راس”، حيث يتفق بها عن كيفية مواجهة تغيرات الجلسة، ” حجاية الرأس” هذه لاتعلن الا في الجلسة المشتركة..
هذا المثال في السياسة يكون أوضح واوجب، فالسياسة كما تسمى لعبة الممكن، يعني لايمكن لطرف سياسي في تفاوض أو قرار أن يربح كل شيء، نعم يطرح السقف الأعلى لطموحاته كطلبات لكن خضوعا للممكن؛ يتنازل عن سقف مطالبه ليحقق الممكن منها.
طبعا هذا الحال يقره منطق العقلاء، فالشعارات والهتافات والعنتريات وكسر العظم لاعلاقة لها بالعمل السياسي من قريب أو بعيد.
بعض نوابنا خاصة الشباب للاسف، ولربما لضعف الخبرة يتصور أن السياسة هي هتافات وشعارات وتحت عناوين إنسانية أو وطنية أو غيرها، لهذا لا يتمكن حتى من حفظ ” جلمة الرأس” ولا يخفي المقررات الداخلية للبرلمان أو اللجنة التي يعمل فيها أو الكتلة التي ينتمي لها، تصورا منه أن هذا واجبه أو اعتقاد منه أن هذا تكليفه الشرعي والأخلاقي أمام الناس.
لا عزيزي النائب انت ممثل للناس؛ لاشك ولا ريب في هذا، وواجبك حفظ حقوقهم والمطالبة بها في أروقة البرلمان، ويفترض انك تعرف أن حجب أو تقصير بحق بعض الناس أو الفئات ليس عداء أو استهداف بقدر ماهو فرض الممكن، كذلك عليك عزيزي النائب أن تعلم انك قائد لا مقاد وبالتالي من واجبك أن تحدث توازن بين حق الدولة وحق الناس، فالدولة ليس جمعية خيرية توزع الأموال ولا الأموال تحصدها الدولة من حقل أو بيدر لتوزع بدون تخطيط آني ومستقبلي، كذلك مطلوب منك عزيزي النائب أن تتفهم أن هناك توازنات قد تجبرك كنائب على التغاضي عن حق بشكل مؤقت أو تحصل على ربع أو نصف منه في الجولة الأولى وعليك أن تخطط للجولات القادمة كيف تضاعف ما حصلت عليه؟!
ولاتنسى عزيزي النائب أن الإكثار من الوعود للناس سيهدد مصداقيتك، لانك وعدت بما لاتستطيع، فأنت فرد في مجلس يضم ٣٢٥ نائب، نعم لك أن تعد بالسعي والضغط، لكن أن تعد بالتنفيذ فانك تصيب مستقبلك السياسي بمقتل، وستضطر للتبرير والتشكي والتباكي.
عزيزي النائب خدمة الناس وتحصيل حقوقهم يحتاج إلى حنكة وحكمة وتخطيط وتدبير يستند لما تمتلك من صلاحيات وقدرات وتأثير، أياك أن تصور نفسك سوبرمان وانك ولي دم منطقة أو محافظة أو مذهب، فهذا طريق أسقط وسقط فيه قبلك كتل سياسية مهمة ورئيسة، العراق يحكمه نظام برلماني، التوافق سبيله العرفي المعتاد، لك أن تعترض على التوافق وبإمكانك أن تعمل على تخفيف حدته وتأثيره لكن وفق مبدأ ” طريق الالف ميل يبدأ بخطوه”، الختام عزيزي النائب يقينا انك تعرف أن تخصيصات إقليم كردستان تشمل ” تخصيصات المحافظة وتنمية الأقاليم والمشاريع الاتحادية” في حين تخصص مبالغ لكل فقرة في ميزانية المحافظات العراقية الأخرى ” فللمحافظة تخصيص وتخصيص آخر لتنمية الأقاليم إضافة لتخصيصات المشاريع الاتحادية، بالمحصلة عندما يتم حساب ذلك بالارقام فأن ميزانية إقليم كردستان، قد تعادل ميزانية محافظة واحدة من محافظات العراق الأخرى.
عزيزي النائب كمتابع اعتقد ان هذه الميزانية تضمنت صندوق تعويض المحرومية لمحافظات الوسط والجنوب وهو صندوق طموح فرضته الحكمة والحنكة وحسن التدبير لا الهتافات ولا العواطف ويعتبر إنجاز نوعي ولأول مرة يحصل، وايضا ماتضمنته الميزانية من بعض الفقرات الملزمة لإقليم كردستان تقدم جديد، عليك التخطيط لتضمين كل ما اقترحت، بدل الزعيق والصياح والتخوين والمفردات العاطفية والتحريضية..