كنوز ميديا / تقارير
يبدو ان العلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان ستشهد هدوءاً نسبياً على خلفية زيارة رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني الى بغداد، وتعهده بالإيفاء بجميع الالتزامات المالية المترتبة على أربيل من عمليات تصدير النفط وأموال المنافذ الحدودية، في المقابل، أبدت حكومة بغداد رغبتها بتصفير المشاكل مع الإقليم، في حال لمست وجود نية جدية لدى قادة أربيل، لبدء صفحة جديدة من العلاقات الثنائية.وتصاعدت حدّة الخلافات بين بغداد واربيل منذ ان بدأت أزمة رواتب موظفي الإقليم، واتهام أربيل للحكومة المركزية بعدم ارسال مستحقات الإقليم المالية، الأمر الذي كذّبته بغداد وأكدت، ان الحكومة أوفت بجميع التزاماتها المالية تجاه الإقليم، وعليها ان تجد مبرراً واضحاً لمواطنيها، ولا تحمّل المركز نتائج فشلها في إدارة الإقليم.
زيارة مسرور بارزاني الأخيرة حملت في طياتها الكثير من الأسرار والخفايا، أبرزها وجود تدخل خارجي ضغط على الطرفين لتهدئة الأوضاع بينهما، خاصة وأن إقليم كردستان هدد قبل زيارة وفده الى بغداد باللجوء الى الجانب الأمريكي، للتدخل في قضية المشاكل المالية بين الطرفين.
ولم يمضِ أكثر من ثلاثة أيام على تصريحات الأكراد باللجوء الى الجانب الأمريكي حتى أعلن إقليم كردستان عن وفد برئاسة مسرور بارزاني الى بغداد، لتصفير الخلافات بين الجانبين، الأمر الذي فسّره مراقبون بأن هناك تدخلا خارجيا ضغط على الطرفين للمضي في تهدئة الأوضاع.
ويوضح المراقبون مدى تأثير القرار الأمريكي على الوضع السياسي في العراق، وكيف يستطيعون توجيه بوصلة الأحداث بحسب مقتضيات المرحلة، منتقدين سياسة أربيل في اللجوء الى المساعدة الخارجية، بدلاً من الجلوس مع أطراف الداخل لحل القضايا العالقة.
يشار الى ان رئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني بعث في وقت سابق، برقية إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن يشكو فيها من الضغوط التي تمارسها حكومة بغداد، ويطلب منه التدخل العاجل لإنقاذ الإقليم من انهيار نهائي، مضيفاً: “أشعر فعلاً بالقلق من الحملة التي تشن ضدنا والتي ستؤدي في النهاية إلى تدمير النموذج الفيدرالي العراقي الذي رعته الولايات المتحدة”.
ويقول عضو الإطار التنسيقي عائد الهلالي في تصريح أن “الضائقة المالية التي يمرُّ فيها إقليم كردستان، بالإضافة الى أزمة الرواتب أجبرته على التنازل ومحاولة إيجاد حلول سريعة تخرجه من الأزمة الحالية”.
وأضاف الهلالي، أن “قرار محكمة باريس الذي منع إقليم كردستان من تصدير النفط عبر تركيا، جعل اربيل تشعر بالحرج أمام الشركات النفطية، وبالتالي اضطرت للعودة الى بغداد لإنقاذ نفسها الانهيار”.
وبيّن، ان “أمريكا ضغطت بشكل كبير على إقليم كردستان، من أجل ترميم علاقته مع الحكومة المركزية، وان تكون تعاملاتها مع بغداد مبينة على النزاهة والشفافية وتسليم المستحقات التي بذمتها، تمهيداً لتصفير الأزمات بين الجانبين”.
وأشار الى ان “المرحلة المقبلة ستشهد انفراجاً للأزمة بين أربيل وبغداد، وستبدأ مرحلة جديدة من العلاقات بين الجانبين، مؤكداً ان هذه المرحلة مشروطة بالتزام قادة أربيل بالاتفاقات بين الطرفين وعدم خرق الدستور”.
ووصل الخميس الماضي، وفد من حكومة إقليم كردستان برئاسة مسرور بارزاني، إلى العاصمة بغداد وذلك بهدف إجراء مناقشات مع الحكومة الاتحادية بشأن المرتبات الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام بالإقليم.
وتباينت ردود الأفعال حول زيارة الوفد الكردي، فالبعض أكد انها ستكون انطلاقة لمرحلة جديدة بين الطرفين، فيما يراها البعض الآخر، بانها مجرد تهدئة ولا توجد حلول جذرية حقيقية لتصفير الأزمات، خاصة مع تعنّت الإدارة في أربيل وتعمّدها في إثارة المشاكل مع المركز.