بقلم // السيد محمد الطالقاني
بعد رحلة مليئة بالتعب والارهاق, ومشقة الطريق وصعوباته، وصلت قافلة سبايا سيد الشهداء عليه السلام الى الشام حيث مقر السلطة الاموية الكافرة, تحفهم رجال الحرس الاموي الذين تلقوا الاوامر الاموية بمعاملة هولاء الاسرى بمنتهى القسوة والفظاظة، فلم يسمحوا لهم بالاستراحة اللّازمة من أتعاب الطريق ومشاقّه وصعوباته، بل كانوا يُواصلون السير الحثيث للوصول إلى الشام وتقديم الرؤوس الطاهرة إلى الطاغية يزيد الذي أمَرَ بتزيين المدينة فرحا بوصولهم على هذا الحال, وقام بتشغيل ماكنته الاعلامية بكل مايملك من قوى، من اجل تزييف الوقائع والحقائق، وتشويه صورة الاسلام الحقيقي لتمرير سياسته المنحرفة.
لكن السيدة زينب عليها السلام استطاعت ان تقلب المعادلة ومن داخل القصر الاموي, فجعلت من اهل الشام موالين بعد ان كانوا معادين، وإلى مطالبين بسقوط يزيد وأتباعه, عندما اطلقت صرخة الحق في وجه السلطان الجائر قائلة : (فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها).
بهذه الصرخة, صرخة الحق في وجه السلطان الجائر, اعلنت السيدة زينب عليها السلام ان الظالم مهما تفرعن لابد له من نهاية, فقامت بنصب اول محكمة في تاريخ البشرية حيث يحاكم المظلوم الظالم في عقر داره, فأجلست يزيد في قفص الاتهام وهو في قصر سلطانه قائلة له: (بدين الله ودين أبي وأخي اهتديت أنت وجدك وأبوك إن كنت مسلمًا).
ثم نطقت بحكم محكمتها على الطاغية يزيد بنهاية حكمه وزوال عرشه قائلة : (وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُين).
فكان قرار محكمتها هذا ان هز عرش يزيد، حيث أظهرت للناس كذب بني امية وخداعهم وتضليلهم للناس , فأسقطت حكمهم في الشام التي كانت عاصمة الخلافة لهم.
لقد بقي صوت زينب عليها السلام على مر الدهور قويًّا وبقيت هامتها شامخة شموخ التضحية والدماء والفداء الذي تجسد في كربلاء مع الإمام الحسين عليه السلام واستمر حيًّا وضّاءًا إلى يومنا هذا حيث استمدت الشعوب المستضعفة والمقاومة الاسلامية عزيمتها من شموخ وصمود هذه المراة العظيمة.
كما اثبتت السيدة زينب عليها السلام لكل الأجيال ان المرأة المسلمة قادرة على القيادة سياسيا وثقافيا واجتماعيا مع حفاظها على كل القيم الإسلامية التي اكدت عليها الشريعة الإسلامية.