شهرَي الحسين، محطة للتغيير

بقلم/ كوثر العزاوي

إن الفساد والانحراف والظلم، كلها مفاهيم صادرة من منبع الباطل الذي قد يتجلى في أي انسان، ما عدا المعصومين”عليهم السلام” والصالحين ممن امتحن الله قلوبهم بالإيمان، فلا يقتصر تجسيد مفاهيم الباطل في حكّام سادوا بلدانًا وأممًا في فترات مختلفة من التاريخ، أي ليس على مستوى الحكم والسياسة وحسب، إنما من الممكن جدا أن تتجسد كل تلك المفاهيم الباطلة على الصعيد الاجتماعي والشخصي كما في زوجٍ مع زوجته وأفراد أسرته، أو في ربّ العمل مع عمّاله، أو في مسؤول حكوميّ مع موظفيه، أو الموظفين أنفسهم مع المواطنين عند إنجاز معاملاتهم، وفي غير ذلك من محطات الحياة العامة المتنوعة، فالفساد مستشرٍ في كل مكان، كما في دوائر الدولة مثلًا والمرافق الرسمية، فنشاهد تفشي الرشاوى والاختلاسات وابتزاز الناس وغير ذلك، وهذا بالحقيقة نمط من أنماط فساد الطواغيت أمثال فرعون ويزيد فضلا عن طواغيت العصور المتأخرة مع فارق الظروف الاجتماعية والسياسية وأبعاد الفساد، بيد أن الحالة تبقى واحدة على جميع الصعد وتستدعي النهضة الشاملة والتصدي للقضاء على الفساد بشتى طرق المواجهة، بما يعني، أن يبدأ كل فرد من نفسه بالتغيير، ابتداءً من تغيير أفكاره وكلماته ومواقفه وتعاملاته مع الآخرين، وليعمل كلٌ فرد حسب قدراته وظروفه ودوره على نحو التكليف الشرعي والإنساني وفق قوانين السماء والنهج القويم، لإن التغيير الفردي يؤسس إلى التغيير الإجتماعي، ثم تأخذ المساحة بالإتساع شيئا فشيء، ليشمل الاصلاح “الأمة والوطن والعالم” وهذا هو مقتضى الإصلاح من منطلق قوله عزوجل:
{إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}،الرعد: ١١
ومن هذا المنطلق علينا أن لانستهين بحجم التغييرات الحاصلة مهما تكن بسيطة، عسى أن تعقبها تغييرات كبيرة على مستوى المحيط ومَن يرتبط به، ومن الجدير أيضا أن نجعل في كل مساحة من وجودنا محطة انطلاق للتغيير على جميع الصعد، فعلى سبيل المثال، محطة عاشوراء من كل عام، نتخذ منها منطلقا للتغيير على المستوى الإسلامي والإنساني، بدءً من حبّنا لصاحب الذكرى، وانطلاقًا من وَعينا لمسؤوليّتنا التي وعاها الحسين “عليه السلام” عندما أدّى هو وأهل بيته وأصحابه دورهم الفاعل الذي تميز بالإخلاص والفناء، حتى بذلوا أرواحهم وسُبيَت نساؤهم وكان ماكان يوم الطف من تبيين معنى الرسالية وحقيقة الوفاء للقضية الإسلامية، وقد تركوا لنا منهجًا يعرفنا معنى تحمّل المسؤولية، ومتابعة المسيرة، طالما آمنّا بالنهج الحسينيّ الزينبي، وليس واجبًا أن نواصل بنفس طريقتهم، ولكن قد يتحقق هذا الإصلاح بأيّ وسيلة تنسجم مع الظروف، فلكل عصر خصائصه، المهم أننا نتحسس دائما مواطن المسؤولية الملقاة على عاتقنا من قِبلهم صلوات الله عليهم أجمعين، واستشعار ضرورة الدفاع عن الحق والتصدي للمنكر، مااستطعنا إلى ذلك سبيلا.{..وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ آل عمران”١٣”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى