بقلم //علي عنبر السعدي
– (اللهم انصر اسرائيل – على العرب)
هذا ماكنت اسمعه من (أبو شادي عبد الرحمن) الفلسطيني / الاردني ، كلما سمع ان اسرائيل قصفت موقعاً في لبنان أو سوريا ،أو حينما قامت اسرائيل بسلسلة من عمليات الاغتيال ،طالت قيادات فلسطينية بارزة ،وفي مختلف المدن العربية .
كانت الاغتيالات للقيادات الفلسطينية البارزة ، قد بدأها الملك حسين حيث أمر عام 1971 بتصفية ابو علي اياد القائد البارز في حركة فتح – حاصره الجيش الاردني في احراش جرش (*) – ثم توالت الاغتيالات ،كمال عدوان وكمال ناصر وابو يوسف النجاروابو حسن سلامة ، في بيروت ، خليل الوزير (ابو جهاد )واياد خلف (أبو اياد ) في تونس . أبو علي مصطفى وعبد العزيز الرنتيسي وأحمد ياسين، وقبلهما محمود الاسود – في الضفة وغزة – والقائمة تطول – .
مايجدر ذكره ، ان في أحداث جرش وعجلون ،وللتخلص مما فعله الجيش الاردني بالفدائيين ، عبرت اعداد منهم ، لتسليم أنفسهم للجيش الإسرائيلي .
كان أبو شادي ،مجرد فرد يعبّرعن يأسه مما يمكن أن يقدمه العرب لفلسطين ، لكن موقفه كان جزءاً من حالة بدأت بالانتشار ،وصولاً الى قناعات وثقافة سائدة ،تعممت عند الكثير من العرب ،وقد نمت فكرة ان لافائدة من العداء لإسرائيل ،لأنها قوية متطورة ،ومدعومة من الدول العظمى ،وما يعزز ذلك ،تلك العمليات النوعية التي تقوم بها اسرائيل ،دون ان تواجه برّد رادع .
لكن تلك النظرة الى تفوق اسرائيل المطلق ،لم يكن مطلقاً كما تم تصويره ،فقد تلقت اسرائيل بدورها ،سلسلة من العمليات الموجعة ،منها عملية مطار تل ابيب ،وعملية ميونيخ ،ونسف مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور اللبنانية، وعمليات نهاريا وكريات شمونة ،وطبريا ،وساحل حيفا ، اضافة الى عمليات ح/ الله ، التي تمكن في بعضها من اقتحام مواقع عسكرية اسرائيلية وأسر جنود .
كان الردع المضاد ،يتراكم ببطء ،لكن بثبات ،ويظهر ان اسرائيل ليست خارج تلقي الأذى – بل والهزيمة الميدانية – في معارك منتقاة ولو كانت في مواجهات مباشرة .
انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان وتخليه عن المتعاونين معه (جيش لبنان الجنوبي ) قهرنظرية الجيش الذي لايقهر ، ثم طوفان الأقصى ،وعجز اسرائيل عن تحقيق انتصار حاسم ، رغم ماتلقته من دعم – سياسي وعسكري- أظهر ان الدفاع الاستراتيجي بوجه اسرائيل ، قد وصل مراحل يمكن وصفها ب(الردع المتبادل ) ، ما أعاد اسرائيل الى مقولة :يمكن للعرب ان يتحملوا ألف هزيمة ، لكن لاتستطيع اسرائيل تحمّل هزيمة واحدة .
لكن ذلك (الردع المتبادل ) يحتاج الى تضحيات كبيرة وصبر طويل ، والبديل الأسهل يكمن في الصلح مع اسرائيل واعتبارها جزءاً من المنطقة ،ثم وبشكل مواز،نشأت ثقافة مقابلة ، توجه نقداً متشدداً ،يتراوح بين اعلان الموقف المباشرة ،أو السخرية والشماتة ،مع كل علمية تقوم بها اسرائيل ضد من يقاومها أو يؤمن بإمكانية مواجهتها ، ثم تجاوزت ذلك الى مرحلة الفرح والتشجيع لما تقوم به إسرائيل .
مايسجل لأبي شادي عبد الرحمن ، انه كان يعبر عن قناعاته في ذلك الوقت ،ولم يكن يدرك ان ما كان يقوله ،سيتحول الى ثقافة متأصلة ينتهجها غالبية العرب .