عبارة ( علي بن أبي طالب كرم الله وجهه) في مصادر أهل السنة
بقلم // د. محمد العبادي
توجد عبارة شائعة عن وزير الدفاع الصهيوني الأسبق موشي ديان قال فيها: ( العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون) .
ونقول: النواصب لايقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون ، لأنهم قد أعماهم التعصب واحيطوا بالزبد الجفاء.
نعلم جيداً ان توقيت هذه الإثارات الطائفية والمذهبية يستفيد منها أعداء الأمة الإسلامية وما أكثرهم في هذه الأيام، لكن أحياناً يضطر الإنسان لبيان الحقيقة التي أراد بعض الناس تغييبها ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الناصبون.
لقد أنكروا على علي عليه السلام ولادته في جوف الكعبة، واستنصرنا التاريخ الذي كتبوه بأيديهم فنصرنا وانتصب الحق ابيضاً ابلجا.
وانكروا على والدي علي إيمانهما بالإسلام، واستعنا بأقوال الرسول ، وبحوادث التاريخ وبانت الحقيقة في ايمانهما. وعلام تذهب فاطمة بنت أسد مهاجرة إلى المدينة إذا كانت كافرة؟! وعلام يبقى أبو طالب محاصراً مع المسلمين في شعب أبي طالب يتضور من الجوع ؟!وإذا كان كافراً فكيف للرسول أن يتخذ المضلين عضداً؟! وعلام يسمى عام الحزن على فَقد خديجة وأبي طالب وهل يحزن الرسول على فقدان كافر ؟! عجباً لهذا الكافر الذي تحته أمرأة مؤمنة ؟!
وانكروا على علي عليه السلام سبقه إلى الإسلام، وكيف لايسبق إلى الإسلام وهو يعيش مع محمد وخديجة صلوات الله عليهما في بيت واحد، والرسول مكلف بدعوة الأقربين.
لقد أنكر النواصب على علي عليه السلام كل شيء حتى صلاته اليومية، وقالوا إنّ علي لايصلي!!! عجباً للنصب كيف يفعل بأهله ويكبلهم بهذا الغل !
أخيراً حمل البغض أهله، وسلبوا من الأخبار والأحاديث مسلّماتها حيث أنكروا على علي عليه السلام تلك العبارة التي يستخدمها أهل السنة بعد ذكر اسم الإمام علي حيث يكتبون عبارة( كرم الله وجهه)، لأنّه لم يسجد لصنم .
لقد ورد في الموقع الرسمي للشيخ ابن باز سؤال 🙁 هل يجوز أن نقول : علي كرم الله وجهه؟)
ويجيب ابن باز قائلاً: ( هذه بدعة من بدع الشيعة يقال علي رضي الله عنه…).
وسارت وزارة التربية والتعليم في الجمهورية العربية السورية على نهج ابن باز ، فاستبدلوا عبارة ( علي كرم الله وجهه) لتكون ( علي رضي الله عنه)!.
لقد اتهم ابن باز المحدثين والمؤرخين ببدعت التشيع حسب قوله، وطبقاً لجوابه المذكور آنفا، فإنه قد اتهم حتى أحمد بن حنبل( ت٢٤١) مؤسس المذهب الحنبلي، لانه كان يقول في مسنده(كرم الله وجهه),واتهم مسلم النيسابوري( ت٢٦١) ببدعة الشيعة،لأنه ذكر في صحيحه( كرم الله وجهه)، واتهم الإمام مالك(ت١٧٩) في الموطأ ببدعة الشيعة، لأنه ذكر فيه ذلك اللفظ (برواية محمد بن الحسن)، واتهم ابو داود السجستاني (ت٢٧٥)في سننه ببدع الشيعة و..و..الخ .
لقد بحثت في ( ٤٣٠) كتاباً من كتب التراجم والطبقات لأهل السنة عن عبارة( كرم الله وجهه)فوجدت حوالي ( ٣١٥) مرة وردت وتكررت كلمة ( كرم الله وجهه) في حق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،ومن باب المثال ذكر هذه العبارة الطبراني( ت٣٦٠) في معجميه ( المعجم الصغير) و ( المعجم الكبير) ( ٣٤) مرة، وفي تاريخ مدينة دمشق لإبن عساكر ( ت٥٧١) ورد لفظ ( كرم الله وجهه) (١٥) مرة، وحتى في الكتب الرجالية مثل كتاب الثقات للعجلي( ت٢٦١)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي( ت٣٢٧) وغيره ذكروا هذا اللفظ وكرروا استعماله .
أخيراً لنذهب إلى زعيم التكفير ابن تيمية ( ت٧٢٨) فقد ذكر لفظ ( كرم الله وجهه) بعد ذكر اسم الإمام علي في كتبه مثل: كتاب مجموع الفتاوى، وتلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، اولياء الرحمن وأولياء الشيطان، اقتضاء الصراط المستقيم وغيره .
إن الحقيقة المرتكزة في الأذهان هي ان الإمام علي عليه السلام لم يعبد إلا الله وحده لا شريك له وعلى هداه سارت شيعته ، ولم يصانع علي عليه السلام إلا وجهاً واحداً أغناه عن كل الوجوه؛ فهو تجسيد حي للموحد الحقيقي وهو مولى الموحدين .
إن أمير المؤمنين علي عليه السلام لأبعد شأواً، وأرحب روحاً، وأسمى عبودية من هذه الأوصاف التي شحت بها نفوس القوم، لأنه قد دنا وتدلى مقتفياً أثر الرسول الأعظم في طاعة الله .