صرخة الحق في ظلمات السجون (الجزء الأول)

بقلم // علي جاسب الموسوي

في الخامس والعشرين من رجب الأصب، يتجدد الحزن، وتخفق القلوب بلوعة الفقد، إذ تحل ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام الإمام الذي سجل بصبره أروع صفحات المقـ..ـاومة، وترك في وجدان الأمة شعلةً لن تنطفئ، رغم محاولات الطغاة لطمس نوره في ظلمات السجون.
وُلد الإمام الكاظم (عليه السلام) عام 128هـ، منحدرا من سلالة نورها من نور النبوة، فهو ابن الإمام الصادق، وحفيد الباقر وزين العابدين، وسليل الحسين وعلي وفاطمة عليهم السلام .. نشأ في مدرسة أهل البيت، فكان بحرا في العلم، ملاذا للمضطهدين، وملجأً للضعفاء، حتى عرفه الناس بـ باب الحوائج ، وكيف لا وهو الذي تتجسد فيه رحمة الله بعباده؟
لكن الإمام لم يكن مجرد عالم ناسك، بل كان قائدا رساليا حمل هم الإسلام الأصيل المحمدي الاصيل في وجه العباسيين الذين حاولوا طمس هوية الأمة، فكان صوته ناطقا بالحق، ويده راعيةً للمستضعفين، وعقله يقظا ضد مؤامرات الطغاة.

كان للامام عليه السلام المواجهة الصامتة.. ودور في ثورة فخ لم يكن العباسيون أقل بطشا من أسلافهم الأمويين، فقد أوغلوا في سفك دماء آل محمد عليهم السلام ، فطاردوا العلويين، وشردوا أبناء النبي صلى الله عليه واله ، لكن الإمام الكاظم عليه السلام كان لهم بالمرصاد، يواسي العوائل المفجوعة، ويشد من أزر الثائرين.
وعندما اندلعت ثورة فخ (169هـ) بقيادة الحسين بن علي، كان الإمام يعلم أن المواجهة العسكرية قد لا تفضي إلى النصر وهذا ما اخبره الامام الكاظم عليه السلام عندما دخل عليه مسجد المدينة ووجده يصلي ساجدا فقبله في جبهته وقال له ( انهض وتوكل واعلم انك مقتول شهيد لا محاله ) فنهض بالثورة .. لكن الامام ع لم يثبط عزائم الثوار، بل كان صوته هادرا بالحكمة والتوجيه، محذرا من غدر العباسيين بقوله (ما خرج أحدٌ منا إلا قُتل) ومع ذلك، فإن صمته عن تأييد الثورة علنا لم يكن خوفا، بل كان استراتيجيةً لإبقاء خط المقـ.ــ.ـاومة ممتدا دون أن يُجهز عليه الطغاة بضربة واحدة… ووما نقله المؤرخون روى أبو الفرج الأصفهاني أنّ النبي صلی الله عليه وآله وسلم مر مع أصحابه بفخ، فقال (يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين، ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة، تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة) .. وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّ جبرئيل قال للنبي صلی الله عليه وآله وسلم ( يا محمد إنّ رجلاً من ولدك يقتل في هذا المكان، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين)

… يتبــــــــــع …

٢٣/١/٢٠٢٥

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى