عندما يُصبح السجين قدوة وقِبلة..
بقلم // كوثر العزاوي
ليس الحرُّ سجين، وإن مكث دهرا خلف القضبان والأبواب الموصدة.
وعندما يُقمَع أهل الحق ظلمًا، فهذا دليل على أن أهل الباطل مرعوبون، وهم يعلمون بأنّ أهل الحق لايهابون الموت، فما بالك بالسجن أعوام وأعوام! فأما الموت بمعنى الشهادة، فهو محض نصر وسعادة، وأما السجن والقضبان، فهو للرجال الاحرار، دليل عزة ومهابة، وما أولئك الذين يرفضون الذل مع الظلم، ويؤثرون الموت مع الحق، سوى رجال عاهدوا الله، ووطّنوا أنفسهم على إحدى الحسنيين “الشهادة أو النصر” وشعارهم أكبريّ:
“أوَ لسنا على الحق”.
وفي ذكرى استشهاد الإمام الكاظم من آل محمد “عليهم السلام” ثمة ثلة من المؤمنين الرجال من أتباع آل محمد “عليهم السلام”، ممن ورِثوا عذابات إمامهم من سجن وإرهاب وتعذيب، قد اتخذت من ذكرى استشهاده يومًا باسم السجين العراقي، تيمّنًا بصبره على عظيم المحن، وعزاءً لهم، جراء ما لاقَوْه من قمع وتنكيل، على يد طاغية العراق، ومَن هو امتداد لطواغيت بني العباس وهارونهم، الذي نال من العصمة في طواميرَ لايعرف إمامنا فيها الليل من النهار. وفي هذا اليوم، “يوم السجين السياسي” ومن جوار الصرح الشامخ في الروضة الكاظمية المقدسة، هتفت أرواح، كانت ومازالت شاهدة على الظلم، حاملة شعار {بقية الشهداء} وهي تعاهد إمامها هاتفة بصوت واحد:
“هكذا كنا وما زلنا معك
عاش حرًا سيدي من بايعك”
كما جددت العهد والوفاء للشهداء، رفاق المسير والمصير، الذين قضوا في دهاليز البعث السفاح، بوسائل القمع الوحشية المتنوعة، ولم يُعرَف لهم أثر ولاقبر، ليعرف العالم، بأنّ القوم هم أبناء القوم وان اختلف الزمان، وتطورت وسائل القتل، بيد أنّ الخلود والشموخ، هو نصيب أهل الحق جزمًا، مهما حاول أهل الباطل طمسه، وهاهي انوار القباب شاخصة على خلود “كاظم الغيظ” شاهدة على اندثار “هارون اللارشيد”. والنصر قطعًا للأحرار الأخيار. ف{مَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ}. لذا فالعاقل يؤمن، والتاريخ يشهد، بأنّ قيمة المجاهد والشهيد، كلاهما حاضرتان في نفوس الأجيال، لتصبح نموذجًا يستبطن مفهوم العزة والكرامة والرفعة، يهتف بها أحرار الناس على مرّ الأزمان، والله مع الحق وهو القائل:
{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}غافر-٥١. وتلك سنن الله في خلقه.
٢٦-رجب الأصب-١٤٤٦هجري
٢٧-كانون الثاني-٢٠٢٥ ميلادي