سياسة ترامب الاقتصادية ومصير المنطقة والقضية الفلسطينية..!
بقلم // عدنان جواد
تضمنت خطط ترامب الاقتصادية التركيز على استخراج النفط الامريكي بدل شراء النفط من الدول الاخرى، فزيادة انتاج النفط في الولايات المتحدة الامريكية، قد يخلق مشاكل اقتصادية لحلفائها وخاصة الدول الخليجية وفي مقدمتها العراق، فعندما ينخفض سعر برميل النفط ويصل الى (50$) للبرميل سوف تنهار اقتصاديات تلك الدول التي تعتمد اعتماداً كليا او شبه تام على النفط، ان التغييرات الاقتصادية هي بداية للتغيرات السياسية واسقاط الانظمة،
فسياسة الولايات المتحدة مع حلفائها هو جعلها مستهلكة وعدم اعتمادها على نفسها في الصناعة والتصدير وفي جميع المجالات ، ولكن هي تسمح بنشر التفاهة وحفلات الرقص والمجون، وهذا الامر لمسناه في اغلب الدول التابعة لواشنطن، وهي نفسها وحسب منهج العولمة كانت تسمح في انسياب السلع والبضائع وحتى البشر بين الدول،
ولكن تلك السياسة حولتها من دولة منتجة الى دولة مستهلكة، فبعد ان كانت هي من تمول الدول والشركات الكبرى عندما كانت مسيطرة على القاعدة الصناعية في العالم، لكن اليوم الصين هي من تملك تلك القاعدة الصناعية التي كانت مديونة للولايات المتحدة الامريكية، لكنها وخلال سنوات قليلة سددت ديونها واصبحت اكبر مستثمر في الولايات المتحدة الامريكية نفسها، وان المواطن الامريكي يستهلك السلع والبضائع الصينية لأنها ارخص ثمناً من السلع الامريكية، وعندما تفرض عليها الحكومة الامريكية ضريبة سوف يرتفع سعرها وعندها سوف تؤثر على القدرة الشرائية للمواطن الامريكي نفسه.
التساؤل هل ينجح ترامب في سياسته الاقتصادية هذه، ومن هو المتضرر منها؟
وما تأثيرها على المنطقة والقضية الفلسطينية؟
تابعنا الكثير من التحليلات الاقتصادية والسياسية، وان اغلب المحللين قالوا ان هذه السياسة سوف تؤثر على اصدقاء امريكا من العرب والغرب، وتنتفع منها الدول غير المرتبطة بها والتي لديها استقلال اقتصادي ومالي عن الولايات المتحدة الامريكية، مثل الصين وروسيا وايران،
فبعد الحرب الاوكرانية الروسية ارتفعت اسعار الغاز عالمياً، واوربا على وشك الافلاس نتيجة العقوبات الامريكية على روسيا وعدم استطاعة دول الاتحاد الاوربي شراء الغاز الروسي، ودعمهم لأوكرانيا بالحرب والذي كلفهم الكثير، وترامب سوف يستخرج النفط الصخري وهو ايضاً كلفته عالية، وبمجرد اعلانه عن مشروع (بوابة النجوم) ارتفعت اسعار اشباه الموصلات في امريكا نفسها، فأودية السليكون في العالم في مكانات غير مستقرة، ففي اسرائيل صار خطرا بعد حرب غزة،
وفي اوكرانيا معطل بسبب الحرب ، وفي تايوان هو سبب الخلاف بين واشنطن وبكين، وبمجرد اعلان الصين عن برنامجها في الذكاء الصناعي في تطبيق (ديب سيك) هوت بورصات البرنامج الامريكي للذكاء الصناعي الذي كانت تهدد العام به وتستخدمه للابتزاز،
فالتطبيق الصيني شبه مجاني وغير مكلف واكثر سرعة، والدول التي فرضت عليها الولايات المتحدة الامريكية حصاراً، قاومت الحصار واعتمدت على نفسها وتحولت الى دول مصدرة بعد ان كانت مستهلكة، فمثلا روسيا وايران وفنزويلا، روسيا فرضت عليها حكومة بايدن (37) فقرة من الحصار والنتيجة ان روسيا صارت مصدرة للسلع ومنها السيارات والصناعات الخفيفة والثقيلة والزراعية والغذائية، وبالمرتبة الخامسة عالمياً، وايران اصبحت من الدول المصدرة والاكتفاء الذاتي،
وكل ما ينقص تلك الدول عملة موحدة تكسر هيبة الدولار، فهناك تبادلات بين روسيا والصين وايران وبين البريكس وشنغهاي، واما القضية الفلسطينية فبعد حرب غزة وطوفان الاقصى تغير مزاج الشارع الامريكي وهذا امر مهم،
فاخر استطلاعات الراي في الولايات المتحدة الامريكية ان 66% من الشباب الامريكي متعاطف مع القضية الفلسطينية ويعتبر اسرائيل دولة نازية استخدمت السلاح في حرب الابادة الجماعية ضد اطفال ونساء غزة ، وحتى ساسة امريكا تغيير مزاجهم بخصوص دعم اسرائيل ، وخاصة بعد ادانة محكمة العدل الدولية لقيادة الاحتلال الصهيوني ،
واما التهديد بتهجير اهل غزة للأردن ومصر والعراق من قبل ترامب ، وعدم القبول يعني سقوط حكومات وانظمة تلك الدول بتحريك شعوبها عليها وقد استخدمتها سابقا في المنطقة في اسقاط الانظمة خلال ما سمي بالربيع العربي ،
لكن اليوم تعتمد الامور على صمود سياسة ترامب وهو يقف امام العالم كله ، وقوة الدولار، فالإمبراطورية الامريكية ذات الرأسمالية المتوحشة تستخدم قوتها وجبروتها ضد اصدقائها اليوم ، على يد قائدها الجديد المتهور، بعد ان فشلت في استخدامها ضد من وقف ضدها في عهد بايدن، فعصا ترامب لم تعد غليظة ، والسيطرة على الممرات البحرية لم تعد ممكنة كما افشلها اليمنيون في باب المندب،
وحتى هذا الامر وجدت الصين له بديلا وهو الطريق البري(طريق الحرير) والطريق الهندي وغيرها، فترامب اطلق مدافعه وهو في موقف ضعيف، فالهجوم على الاخرين من دون ان تحصين مواضعه سوف يعرضه للهزيمة لا محال.
ونحن في الخليج والعراق خاصة ماذا سيكون موقفنا اذا انخفض سعر برميل النفط ونحن نعتمد اعتماداً كلياً على بيع النفط؟!،
سبق وان حذر خبراء الاقتصاد في العراق من عدم الاعتماد على النفط ، والاستفادة من الوفرة المالية في انشاء صناديق سيادية، وتشغيل المصانع المتوقفة، وتشجيع الزراعة بدل تحول الشعب بكافة مناطقة الى موظفين، فالفلاح ترك زراعته وتوظف في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وصاحب الحرفة والمهنة والصنعة تركها لأنها لا تسد رمق العيش، لان المستورد قد مليء السوق، فاصبحنا مستهلكين في كل شيء، واموال النفط تسرق بعناوين وصفات سياسية وحكومية وبطريقة قانونية، مثل سرقة القرن(نور زهير) وغيرها الكثير،
فينبغي لتلك الدول التوجه من الان للعملات الاخرى غير الدولار، والتحرك من قبل الحكومة الحالية وبسرعة لتنويع مصادر الدخل للدولة، وضبط الحدود وخاصة مع الاقليم لان سبب ضعف الوضع الاقتصادي الصناعي والزراعي هو الاقليم، فهو لا يلتزم بقوانين الحكومة المركزية، وعدم السماح باستيراد اي سلعة يمكن انتاجها في العراق،
فلا يعقل ان نبقى سوق تصريف للدول الاخرى، فمصير الدول العربية المطبعة والدول المشمولة بتهجير الفلسطينيين اليها، اذا لم يكن لها موقف واضح وصريح واستقلال عن السياسة الامريكية، سوف يتم اسقاط حكوماتهم واضعافهم واذلالهم .