الخطبة 80 في نهج البلاغة
بقلم // حسن عطوان
سألتني أحدى بناتنا عما جاء في نهج البلاغة الخطبة 80
( إنَّ النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ؛ فأمّا نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن ، وأمّا نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد ، وأمّا نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال … ) .
وقريب من هذا المضمون مانُسب للرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
فهل يدل ذلك على نظرة دونية من قبل الاسلام للمرأة ؟
🖋 الجواب :
◀️ أمّا نواقص الإيمان ، فيراد منه – كما بيّن نفس الحديث – : أنّهن معفّوات من بعض الواجبات الدينية ، كالصيام والصلاة في فترة الحيض ، وإنْ كان يجب على المرأة قضاء الصيام بعد طهرها ، وكذلك هنَّ معفوات عن الجهاد ، وما الى ذلك .
اذن فالمرأة تعفى من بعض الواجبات الدينية المطلوبة من الرجل ؛ وذلك لتقدير الاسلام لجهودها الاخرى ومراعاته لتكوينها الجسدي ، وهذا ليس نقصاً فيها بل هو كمال لها .
◀️ أمّا نواقص الحظوظ : فالمراد به – وكما بيّن الحديث أيضاً – أنَّ المرأة في بعض حالات الإرث تأخذ نصف حصة الرجل ؛ وذلك لأنّها إذا لم تكن متزوجة فهي غير مسؤولة عن مهر الزواج ، وإنْ كانت متزوجة فلا تجب عليها النفقة ولو كانت غنية .
◀️ أمّا نواقص العقول : فالعقل بمعنى أنْ تتحكم بنوازعك ، والعاطفة تمنع أحياناً عن هذا التحكم ، والمرأة متميزة بعاطفتها ، ولو لم تكن كذلك لما استطاعت أنْ تتحمل آلآم الحمل والولادة والسهر على تربية الطفل ورعايته ، فالعاطفة مائز في كيان المرأة أقتضاه دورها .
من هنا رأى الشارع المقدس أنّها في مقام الشهادة قد تتأثر بعاطفتها ، فأحتيج الى ضم شهادة امرأة أخرى .
يقول تعالى : ( أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى ) .
⏺ فتبين أنَّ كل ذلك ليس نقصاً في المرأة وانّما هو مقتضى تكوينها وطبيعتها ودورها الانساني .
⏺ على أنَّ هناك مَن يشكّك في أصل صدور هذا الحديث عن المعصوم لجملة من الإشكالات الدلالية ، لاسيما وأنَّ له تكملة ربما يقال بعدم إنسجامها مع المفهوم الاسلامي عن المرأة .
⏺ نعم ورد عنه ( عليه السلام ) وفي نهج البلاغة ايضاً / الخطبة 27 :
( يا أشباه الرجال ولا رجال ! حلوم الاطفال وعقول ربات الحجال ) ،
الوارد مورد ذم أولئك الرجال الذين عاصروه .
والحجال : موضع للعروس يُزيَن بالثياب والستور .
فلعل المراد : أنَّ الغالب بالعرائس أو النساء اللواتي يعشن في مواضع الستر أنَّ أنظارهن منصبة على مايحيط بهن ، وليست لديهن نظرة بعيدة المدى للامور .
فأراد الامام أنْ يقول : انتم ايها الرجال إنّما تتخاذلون عن الجهاد لأنّكم لاتبصرون أبعد مما بين أقدامكم ، وبالتالي لاتكون العبارة في مورد ذم لمطلق النساء .
⏺ وفي نفس المضمون جاء في نهج البلاغة / باب المختار من حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، الحكمة رقم 240 :
( المرأةُ شرٌ كلها وشر مافيها أنّه لابد منها ) .
وفي المراد من هذه الكلمة عدة إحتمالات ، أهمها :
1️⃣. أنَّ المراد باللام الداخلة على ( المرأة ) لام العهد ، فيكون المراد أنَّ أمير المؤمنين ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) يشير الى إمرأة معينة معروفة ، وليس الى جنس النساء ، بقرينة أنَّ الامام لايمكن أنْ يقصد ذم جنس النساء فليس هذا من المفاهيم الاسلامية بشيء ، والامام كله إسلام على الارض .
2️⃣. أنَّ المراد بالشر : بمعنى الحاجة وعدم الإستغناء وليس بمعنى الشر المقابل للخير ، فالمرأة بما تملكه من قدرات وعاطفة وجاذبية لا يمكن للرجل أنْ يستغني عنها ، وإنّما سميت هذه الحاجة شراً لما تستبطنه عادة من فتنة وإغراء .
3️⃣. وهناك مَن يرى أنَّ هذه الرواية موضوعة على الامام ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) .
⏺ يقول تعالى : ( وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) .