سلسلة مقالات غرب اسيا(اليمن)حلقة ٢٥
كنوز ميديا/ متابعة
قرار سعودي يربك واشنطن.. شراكة مع واشنطن دون مغامرات عسكرية؟
▪ رفض سعودي للتصعيد.. ما السيناريوهات البديلة أمام أمريكا؟
في تطور لافت، رفضت السعودية طلبًا أمريكيًا بتصعيد المواجهة ضد العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر، مؤكدة تمسكها بنهج يوازن بين الاستقرار الإقليمي وشراكاتها الدولية.
هذا الموقف، الذي برز خلال لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، يعكس إدراك الرياض لأهمية تجنب أي تصعيد قد يؤثر على أولوياتها التنموية والاستراتيجية.
ووفقًا لما نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، شدد ولي العهد خلال اللقاء على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما فُسّر بأنه رسالة واضحة بعدم الانخراط في مواجهة عسكرية جديدة دون رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار المصالح السعودية والإقليمية.
▪ محاولات أمريكية لدفع الرياض نحو المواجهة.. ماذا وراءها؟
الخارجية الأمريكية كشفت أن واشنطن تحاول إقناع السعودية بأن العمليات العسكرية اليمنية لا تقتصر على استهداف إسرائيل فحسب، بل تهدد المصالح الأمريكية والملاحة الدولية وحتى الأمن السعودي.
هذه المحاولات تأتي في إطار سعي الولايات المتحدة لحشد دعم إقليمي لمواجهة التصعيد اليمني المتزايد في البحر الأحمر.
زيارة روبيو للرياض جاءت قبل ساعات فقط من انتهاء المهلة التي حددتها صنعاء لرفع الحصار عن غزة، ما يعكس قلقًا أمريكيًا متزايدًا بشأن التحركات اليمنية المقبلة، واحتمالية تحول البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة جديدة بين القوى.
▪ لماذا تتمسك السعودية بخيار التهدئة و تتجنب التصعيد؟
الرياض لم ترفض التصعيد العسكري في البحر الأحمر من فراغ، بل يبدو أن موقفها مرتبط بعدة عوامل استراتيجية،فالرياض تدرك أن أي تصعيد عسكري قد يحمل معه تحديات غير محسوبة، مما يجعل خيار التهدئة أكثر انسجامًا مع استراتيجيتها الإقليمية.
ويمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لهذا التوجه في النقاط التالية:
• التوازن الاستراتيجي في العلاقات الدولية، المملكة حريصة على الحفاظ على شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لكنها في الوقت ذاته تتبنى نهجًا أكثر استقلالية يراعي تطورات المشهد الإقليمي
• التحوّل نحو رؤية تنموية طويلة المدى، في ظل رؤية 2030، تُولي السعودية أولوية للاستقرار الاقتصادي والمشاريع الكبرى، مما يجعلها أقل ميلًا لأي تصعيد عسكري قد يؤثر على بيئة الاستثمار والتنمية.
• الحاجة إلى ضمانات أمنية واضحة،الرياض تشترط اتفاقية دفاعية شاملة مع واشنطن، يقرّها الكونغرس، لضمان استقرار المنطقة، وهو أمر لم يتحقق بعد، ما يدفعها إلى التعامل بحذر مع أي مطالب أمريكية قد تفرض عليها التزامات أمنية غير محسوبة.
• التجربة اليمنية،تدرك السعودية أن أي تصعيد ضد صنعاء قد يجرها إلى مواجهة غير محسوبة العواقب، في وقت تحاول فيه إنهاء تدخلها العسكري في اليمن.
▪ كيف ستتعامل واشنطن مع الموقف السعودي؟ ما الخيارات المتاحة ؟
• مع الموقف السعودي الرافض للتصعيد، تجد واشنطن نفسها أمام ضرورة مراجعة استراتيجياتها في البحر الأحمر.
فبدلًا من الضغط على الرياض، قد تلجأ الإدارة الأمريكية إلى تعزيز وجودها العسكري بشكل مستقل، أو البحث عن حلول دبلوماسية بديلة تخفف من حدة التوترات المتصاعدة،
• من ناحيةٍ اخرى قد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للبحث عن بدائل أخرى لمواجهة التصعيد اليمني في البحر الأحمر.
ورغم محاولات واشنطن إقناع حلفائها الإقليميين بالانضمام إلى المواجهة، إلا أن الحسابات الاستراتيجية لكل طرف قد تحول دون تحقيق ذلك.
▪ البحر الأحمر.. اختبار جديد للهيمنة الأمريكية
يواجه البحر الأحمر اختبارًا جديدًا لمعادلات القوة الإقليمية.
فهل ستتمكن الولايات المتحدة من فرض أجندتها على حلفائها، إن الموقف السعودي تجاه التصعيد باليمن حالياً لا يعبر عن خلافاً بين السعودية والولايات المتحدة، بل أنه مؤشر بأن الرياض باتت تُفضّل اتباع نهج يراعي مصالحها الوطنية أولًا.
ومع ذلك، لذلك لايعني هذا أن التحالف بين البلدين مهدد، بل إنه يمر بمرحلة إعادة تقييم تتطلب توازنًا دقيقًا بين المصالح المشتركة والاستقلالية الاستراتيجية.
مركز بدر للدراسات الاستراتيجية
٢٠٢٥/٣/١٣