سلسلة عالم متعدد الاقطاب 

كنوز ميديا / متابعة 

*عصر الاذلال والخذلان

نماذج ودروس من الخذلان والاذلال الامريكي للدول الحليفة والصديقة

  د. احمد المياحي 

▪︎يعتبر التاريخ معلماً حقيقياً يمكن للسياسيين وصناع القرار أن يتعلموا دروسه من لحظاته.

إن إذلال الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض على يد الرئيس الأمريكي هو أحد أكثر الحالات الأكثر تعليماً في التاريخ.

▪︎يعتبر الكاتب الأميركي الشهير نعوم تشومسكي في كتابه “مرثية الحلم الأميركي” أن الإمبراطورية الأميركية هي “الشكل الأكثر وحشية للاستعمار في تاريخ البشرية”، ويرى أن أميركا أسست نفسها على ذبح 150 مليون هندي في بداية تشكيلها وذبح ملايين آخرين خلال فترة استعمارها، وأن الطبيعة المتغطرسة لأميركا تقوم على الترهيب والسلب والنهب للدول الأخرى.

*نماذج و دروس من الاذلال والخذلان الامريكي*

الدرس الاول: مع مصدق ايران

إن أحد الجوانب الأساسية للطبيعة الإمبريالية الأميركية هو “كسر الوعود” و”الفشل في الالتزام بالالتزامات”.

وإن مراجعة التاريخ العالمي تكشف عن خيانة هذه الدولة لحلفائها وأصدقائها.

ومن أوضح هذه الدروس التاريخية قصة مصدق.

حيث كان مصدق عازما على تأميم النفط الإيراني عن البريطانيين، والامريكيين وقد نجح في تحقيق ذلك.

الا انه سرعان ما شعر الامريكيون والبريطانيون بخطر ذلك عليهم فعملوا على احداث انقلاب ضده، فقط كان يعتقد انه يستطيع أن يمنع الاستعمار من نهب ثروات إيران.

وبواسطة عملائهم وبلطجيتهم.

سقطت حكومته في غضون نصف يوم، مما أدى إلى الحكم المطلق والدكتاتورية لمحمد رضا بهلوي لمدة 25 عاماً.

الدرس الثاني: مع معمر القذافي

مثال آخر على الدروس التاريخية المستفادة هو قصة معمر القذافي.

لقد انخدع معمر القذافي، الذي حاول في البداية محاربة الإمبريالية، بالوعود الفارغة السخيفة التي أطلقها الأميركيون، فسلم ليس فقط منشآته النووية، بل وأيضاً قدراته العسكرية والصاروخية للأميركيين والأوروبيين.

أما الدول الغربية التي تعهدت بدعمه وحكومته ضد أي هجوم أجنبي فقد ظلت صامتة تقريباً، وفي النهاية تم القبض عليه وقتله

الدرس الثالث: حسني مبارك

من الأمثلة الأخرى على هذا الدرس هو قصة حسني مبارك.

ففي حين تعهد الأميركيون بحمايته من التهديدات التي تتعرض لها حكومته، فشلوا في القيام بذلك، الأمر الذي أدى إلى سقوط حكومته واعتقاله وأفراد أسرته وسجنهم.

الدرس الرابع: الملف االنووي

هناك مثال واضح آخر على خرق أميركا لوعودها للدول الأخرى وهو تمزيق الاتفاق النووي.

في حين أسفرت سنوات من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة عن اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد شهدنا دونالد ترامب يمزق الاتفاق خلال ولايته الأولى كرئيس ويتهرب عمليا من التزاماته.

الدرس الخامس: الاذلال الاوكراني

الدرس التاريخي الأخير الذي تعلمناه هو حادثة أوكرانيا.

إن التوسع الذي ينفذه حلف شمال الأطلسي غرب حدود روسيا والاستفزازات الأمنية الأوكرانية دفع روسيا إلى إجراء عمليات عسكرية في عام 2022 لمواجهة التوسع الذي ينفذه حلف شمال الأطلسي والمخاطر الأمنية التي يفرضها الأوروبيون وأوكرانيا.

في حين كان بإمكان فولوديمير زيلينسكي حل الصراع في البداية من خلال المفاوضات السياسية والدبلوماسية وتجنب صراع طويل الأمد مع جاره القوي، إلا أنه، مثل العديد من السياسيين المذكورين أعلاه، أخطأ في الحسابات وصدق الوعود الفارغة للغربيين والمساعدات العسكرية.

لقد دخل في صراع أدى إلى صفقة خلفية بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي لن يضطر فيها فقط إلى التنازل عن أجزاء من أراضي بلاده، بل سيضطر أيضًا إلى التنازل عن 500 مليار دولار في استغلال المعادن الأرضية النادرة للأميركيين.

ولم يكتف الأميركيون بذلك، بل دعوه إلى البيت الأبيض وعاملوه بازدراء.

ولم يكسب شيئاً من هذا الصراع فحسب، بل إنه الخاسر الوحيد في الصراع، والدول الأوروبية غير مستعدة لدعمه.

الخلاصة

تُظهر مجموعة الدروس التاريخية المذكورة أعلاه أن الاعتماد على المساعدات الغربية يُعتبر خطئاً سياسياً ذاتياً.

ان الحل الوحيد للدفاع عن المصالح الوطنية للدول وسلامة أراضيها هو الاعتماد على القدرات المحلية والوطنية.

والاستقلالية في القرارات والموارد الاقتصادية.

مركز بدر للدراسات الاستراتيجية

٢٠٢٥/٣/١٧